الثلاثاء، يونيو 16، 2009

ارض الحضارة والتاريخ - محافظة مأرب

محافظــــة مــأرب
حاضرة مملكة سبأ.. تستعيد ماضيها السعيد.. قالوا عنها "مأرب محطة للذي يسافر بعين عاشق أو جناح طائر، هي كنز الكنوز للثروة الأثرية، وفيها توجد رموز الحضارة السبئية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
**الموقع والتسمية :-

تقع إلى الشرق من العاصمة صنعاء بمسافة ( 173 كم ) ،على ضفّة وادي ذنه الذي بني فيه سد مأرب التاريخي ، يحدها من الشمال محافظة الجوف وصحراء الربع الخالي ومن الغرب محافظة صنعاء ، ومن الجنوب محافظتي البيضاء وشبوة ، ومن الشرق محافظة شبوة وصحراء الربع الخالي .
تسمية هـذه المدينة قديم جداً تعود إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد، فـقـد ذكـرت فــي نقوش من القرن الثامن قبل الميلاد باللفظ ( م ر ي ب )، وفي بعض النقوش المتأخرة ظهر اسمها باللفظ ( م ر ب ).
ويرجح أن التل الذي تقع عليه قرية مأرب اليوم هو مكان قصر سلحين الذي ذكره العلامة الحسن بن احمد الهمداني قبل آلف عام، والذي ورد ذكره بالاسم نفسه في النقوش اليمنية القديمة
وتفيد ‏الأبحاث ‏الأثرية ‏الحديثة أن ‏مأرب ‏العاصمة ‏لعبت دورًا ‏كبيرًا في ‏نشوء وارتقاء ‏الحضارة ‏السبئيةفقد شهدت هذه الأراضي قيام واحدة من أعظم الدول اليمنية القديمة هي دولة سبأ التي بـدأت في الظهور في مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، وقد شهدت في القرون الممتدة من القرن التاسع إلى القرن السـابع قبل الميلاد نشاطاً معمارياً واسعاً ، شيدت خلالها المدن والمعابد ، وأعظم منشآتها سد مأرب العظيم الذي وفر للدولة ومنحها صفة الاستقرار والآية الكريمة الدالة على تلك الحضارة
قوله تعالى : " لقد كان لسبأ في مسكنهم آية " ..

** المكانة:-

شهدت مأرب ذروة ازدهار الحضارة اليمنية القديمة طوال المرحلة الأولى والثانية للدولة السبئية ويرجح البعض آن مأرب لابد أن تكون قد بنيت في وقت ما من الألف الثاني قبل الميلاد ، إذ لا يعرف تاريخ نشأت المدينة على وجه الدقة بالرغم من ورود أسماء عدد من الملوك السبئيين الذين أسهموا في بناء المدينة وشيدوا بعض مرافقها خلال العصر السبئي الأول في بداية الألف الأول قبل الميلاد. على أن نشأت المدينة ربما تكون قد بدأت مع بداية ازدهار الحضارة اليمنية القديمة في الألف الثاني قبل الميلاد .
وقد تحكم موقع مأرب في وادي سبأ بطريق التجارة الهام المعروف بطريق اللبان، وكان اللبان من أحب أنواع الطيوب وأغلاها في بلدان الشرق القديم، وحوض البحر المتوسط، وقد تميزت اليمن بإنتاجها أجود أنواع اللبان وهو الذي كان ينمو في الجزء الأوسط من ساحله الجنوبي في بلاد المهرة وظفار،
وقد أدى ذلك الطلب المتزايد عليه إلى تطوير تجارة واسعة نشطة، تركزت حول هذه السلعة وامتدت إلى سلع أخرى نادرة عبر طريق التجارة المذكور. ‏ورغم أن ‏مأرب ظل ‏اسمًا يتردد في ‏المصادر ‏التاريخية ،إلا ‏أن دورها في ‏الأحداث ‏بعد الإسلام ‏كان ضئيلا، ‏فقد ذكرت ‏مأرب في ‏عهد الرسول ‏صلى الله ‏عليه وسلم ‏من بين ‏مخاليف ‏اليمن، ‏ونسب إليها ‏الأبيض بن ‏حمال الماربي ‏الذي وفد ‏على الرسول ‏فكتب له ‏عهدًا وأقطعه ‏ملح مأرب

** أهم معالم مدينة مأرب:-

· سد مأرب العظيم :

يعود تاريخ سد مأرب القديم كما يستنتج من قراءة النقوش اليمنية القديمة إلى القرن الثــامن قبل الميلاد غير أن نتائج الدراسة التي قامت بها البعثة الألمانية في احد السدود القديمة بوادي "ذنة" ترى أن فكرة إنشاء السد قد مرت بمراحل عدة وعبر فترة زمنية طويلة بين بداية الألف الثاني والألف الأول قبل الميلاد وأين كانت البداية
فان الذي لا خلاف حوله إن ســـد مأرب معلـم ثابت لازم الحضارة السبئية منذ البداية مرورا بذروة الازدهار وحتى لحظات الانهيار ثم تصدع على أثرها وهذا السد أشهر اثأر اليمـن وأعظم بناء هندسي قديم في شبة الجزيرة العربية وقد بني في ضيقــة بين البلــق الشمالي والبلق الجنوبي على وادي ذنه الذي تجري إليه السيول من مساقط المياه في المرتفعات المحاذية له شرقا على امتداد مساحة شاسعة من ذمار ورداع ومراد وخولان
وسد مأرب رمز الحضارة السبئية في اليمن، ولازم الحضارة اليمنية حتى لحظات الانهيار، لا تزال حتى الآن بعض معالمه مشهودة،
وفي عهد فخامة الرئيس/علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية وبدعم سخي من دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ الراحل/ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بدأت الإجراءات العملية لإعادة بناء سد مأرب العظيم ففي 12 يوليو عام 1984م وقعت في صنعاء اتفاقية بين حكومتنا وشركة (دوغوش التركية) لبناء وتنفيذ مشروع السد الجديد في مأرب بتكلفة 90مليون دولار أمريكي على نفقة دولة الإمارات العربية الشقيقة.
وفي الثاني من أكتوبر قام فخامة الرئيس علي عبد الله صالح وصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بوضع حجر الأساس لبناء سد مأرب الجديد وفي يوم تاريخي هو يوم الأحد 21 ديسمبر1986 تم افتتاح سد مأرب الجديد وتدشينه، وتجسدت أهمية السد في تطوير وإنعاش المناطق الشرقية لليمن زراعيا وتنمويا حيث أصبح حاجزا هائلا للأمطار
وسد آخر أقدم منه وهو سد الجفينة بـ8 كيلومترات جنوب غرب مركز المحافظة، يعود تاريخه إلى العصر السبئي الأول.






· مدينة مأرب القديمة:

تقع في السهل السبئي على مشارف صحراء اليمن الشرقية أقدم المواقع الأثرية تقع مدينة مأرب القديمة إلى الجنوب من مدينة مأرب الجديدة، وكانت تشتمل على سور محيط بها يحتوى في داخله منشآتها المختلفة مثل المعابد، الأسواق ، المنازل السكنية ولكن مع تغيرات الزمن تهدمت العديد من المنازل ولم يبقى إلى ألان إلا القليل من المنازل.

· مسجد سليمان:-

ارتبطت تسميته بالنبي سليمان الذي زارته الملكة بلقيس في ( أورشليم ) ،وهذا المسجد قد اندثر معظم سقفه وبعض أجزائه خاصة الغربية ، ولم يعد يستخدم للغرض الذي أنشئ من أجله.

· شبكة قنوات الري ( الجنتان ):-

التي تقدر مساحتها بأكثر من اثنين وسبعين كم مربع ، تبدأ شبكة الري بالقناة الرئيسية الخارجة من السد ثم يليها مقسمات المياه الفرعية ، وقد كانت شبكة الري بكاملها مبنية بهيئة جدار تجري المياه في سطحه الذي شكل بهيئة مجرى ،وتصل إلى المقسم الذي بني بشكل اسطواني يقوم بتفريع المياه إلى ثلاثة اتجاهات، ولكن استكمال لمكرمة صاحب السمو الشيخ الراحل / زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة أصدر توجيهاته إلى صندوق أبو ظبي للتنمية لتمويل مشروع تنفيذ القنوات الرئيسية والفرعية إضافة إلى إنشاء خطوط ازفلتية على طول القنوات لحماية القنوات ومع استكمال ونهاية تنفيذ هذه القنوات سوف ترتفع مساحة الأراضي المروية من مياه السد ، بالإضافة إلى تغذية المياه الجوفية التي يعتمد عليها مزارعو المنطقة إلى جانب السد في ري مزروعاتهم

· معبد عرش بلقيس ( برآن ):-

يقع هذا المعبد إلى الجنوب الغربي من مدينة مأرب القديمة، ويبعد عنها نحو ( 4 كم )، وإلى الشمال الغربي من محرم بلقيس على بعد ( 1 كم)
ومكانته تكمن في أنه يلي معبد أوام من حيث الأهمية، وهو أحد أهم معابد مملكة سبأ التي بنيت للإله ( المقه ) في مأرب، ويعرف بأعمدته الشاهقة التي لا زالت قائمة تشهد على عظمة وقوة السبئيين.
ومن أهم مكونات المعبد :
1- الهـيـكـل : وهـو عـلـى شـكل منصـة مستطيلـة الشكل، وترتفع عن أرضية الفناء بمقدار ثلاثة أمتار ، ومبنية من الحجر الجيري ويظهر البناء من الخارج متدرجاً، ويتم الصعود إلى هذه المنصة عن طريق سلم حجري عريض ويوجد في الأعلى " قدس الأقداس" لستة أعمدة (الباقي خمسه والسادس مكسور حاليا) ذات التيجان المزخرفة بالمكعبات البالغ وزن العمود الواحد منها 17 طن و350كم وطوله 12 متر وأبعاد سمكه 80 سم ، 60 سم ، ومتوسط المسافة بين كل عمودين 63 سم ،وتيجان هذه الأعمدة مزخرفة بحليات معمارية على شكل ـ إفريز مسنن ـ ويبلغ ارتفاع تاج العمود من أصل العمود نفسه 78 سم ، وعلى قمة العمود يوجد لسان حجري بارز من أصل العمود.

2- الأروقة: ومن مميزات العمارة الدينية السبئية أن الهيكل محاط بأروقة حول المنصة ، ومن الوسط يوجد بناء مستطيل بداخله بلاطة حجرية مستطيلة وملساء في مؤخرتها حفرتان دائريتان يبلغ قطر كل منها 20 سم بعمق مقداره 3 سم ،وهما مناظرتان لحفرتين في مقدمة البلاطة الحجرية وهي عبارة عن قواعد لوضع تمثال حيواني من البرونز رمزاً للإله الذي بني له المعبد ، كما توجد أسفل المنصة غرفة تقع على طول المحور الأوسط للبوابة تستخدم للدفن . أما الواجهة الداخلية المطلة على الفناء زخرفت بألواح رخامية، وقد استخدمت الألواح الرخامية في تغطية الجدار المبني من الداخل بحجر بركاني أسود ، وهي مزخرفة برسومات الوعول والأشكال الهندسية في الأعلى والجوانب ، وقد ترك باقي أسفل اللوح دون زخرفة ، والمرجح أن هذه الألواح كانت تستخدم كمساند ظهر عند جلوس المتعبدين على المصاطب في الرواق ، وعلى طول الرواق تمد مصاطب من الرخام الأبيض المائل للخضرة تستخدم للجلوس.

3 - البـئـر: تقع في الجهة الشمالية الشرقيـة داخل الفناء لأهمية شعائر الاغتسال والتطهر التي كانت تتم في المعبد ، والجزء الظاهر من بنائها على مستوى سطح الأرض مستطيل الشكل بني بحجارة جيرية مشذبـة منها حجر واحد بنفس طراز البناء على شكل حوض له حواف مرتفعة عن مستوى ظهر الحجر ، وقد نحتت فتحت البئر في وسط هذا الحجر على شكل مربع ،
ومن الضلع الجنوبي من الحوض بني ميزاب على شكل رأس ثور حفرت في ظهره قناة ، صغيرة تصب في حوض آخر أسفل الحوض العلوي مكون من حجر واحد كما بني في ضلعه الجنوبي ميزاب على شكل رأس ثور يشبه ميزاب الحوض العلوي حفرت على ظهره قناة تشبه القناة الموجودة في الحوض العلوي، ويصب هذا الميزاب في حوض ثالث أسفل الحوض الثاني موضوع على أرضية الفناء مباشرة ، وهو مقطوع من حجر واحد مستطيل الشكل، كما توجد فتحة دائرية في الضلع الغربي للحوض يمر من خلالها الماء ويصب في أرضية الفناء إلى خارج المعبد أما الجهة الداخلية للبئر فقد بنيت بحجارة جيرية مشذبة ومصقولة بشكل ناعم جداً وموضوعة فوق بعضها دون استخدام أي رابط.

· معبد محرم بلقيس ( أوام ):-

يقع المعبد جنوب مدينة مأرب القديمة بمسافة4 كم على الضفة الجنوبية لوادي أذنه.
و كان المعبد الرئيسي للإله ( المقه ) إله الدولة السبئية ، وكان يحتل مكانة متميزة بين بقية معابد هذا الإله سواءً المشيدة في مأرب وضواحيها أو تلك المشيدة في أنحاء اليمن ،فقد كان هذا المعبد هو بمثابة المعبد القومي للإله ( المقه ) الإله الرسمي للدولة السبئية، وكان رمزاً للسلطة الدينية في سبأ، وهو المكان المقدس الذي يتم فيه تلقي أوامر وتعليمات الإله إذ كانت الشعوب والقبائل المنطوية تحت اتحاد قبائل مملكة سبأ ملزمة بتقديم القرابين والنذور للإله( المقه ) ، سيد معبد ( أوام ) كتعبير عن خضوعها لولاية الدولة السبئية عليها قرابينهم ونذورهم للإله ) المقه ) وكإيفاء لنذر سابق أو لغرض الحصول على طلبات تمس مختلف نواحي حياتهم مثل وفـرة المحصول وكثرة الولد والصحة والعافية والسلامة ، والانتصار على الأعداء ، وكان الحج السنوي يقام في شهر ( أبهي ) ، كما كان هناك أيضاً طقس حج آخر هو الحج الفردي ، وهو الذي يتوجه فيه عباد الإله ( المقه ) إلى معبد ( أوام ) لأداء طقس الحج المقدس ، وهو طقس تختلف شعائره ومناسكه الدينية عن طقس الحج الجماعي ، وكان يقام هذا الطقس في شهر ( ذهوبس).ويعود تاريخ بنائه على أقل تقدير إلى عهد المكرب السبئي" يدع إل ذرح بن سمه علي " الذي حكم في القرن الثامن قبل الميلاد ويتكون المعبد من سور بيضاوي الشكل والمدخل الرئيسي للمعبد في الجهة الشمالية الشرقية ، يتقدمه صف من ثمانية أعمدة حجرية يبلغ ارتفاعها بين ( 4.65 - 5.30 م ) شكلت فيما بينها وبين الجدار ساحة مستطيلة الشكل ثم يأتي بعد ذلك ساحة أخرى في مبني المعبد يليها ساحة كبيرة مكشوفة تحيط بها أربعة أروقة تقوم أسقفها الحجرية على أعمدة حجرية
وبكل أسف وندم فقد تعرض المعبد للسلب والنهب بصورة مستمرة منذ أن هجر في بداية القرن الخامس الميلادي ، وقد كانت به العديد من التماثيل المصنوعة من البرونز كما أن معظم جـدرانه الداخلية كانت مغطاة بصفائح برونزية ربما كانت عليها كتابات وزخارف متنوعة لم يبق من أثرها سوى بقايا المسامير المصنوعة من البرونز التي كانت مثبتة بها في الجدران.كما كان بالمعبد نقوشا بمثابة أرشيفاً متكاملاً للكثير من الحوادث التاريخية منذ القرن الثامن قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي تقريباً.

· معبد أوعال صرواح ( معبد المقه ) بمدينة صرواح :-

تعتبر صرواح من المدن التاريخية الهامة في اليمن والتي نشأت وازدهرت إبان الحضارة السبئية ، وتقع إلى الغرب من مركز محافظة مأرب بمسافة 37 كيلومترا وعن صنعاء 120 كيلومترا.
وقد أقيمت على تلة صخرية محاطة بسور كبير مازالت بعض أجزائه الضخمة باقية إلى اليوم، وأول ما يلفت نظر القادمين من مأرب باتجاه المدينة القديمة في صرواح هو منظر السور شبه البيضاوي لمعبد المقه.. الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 8 أمتار، وهناك عدد من المعالم المعمارية موزعة في أرجاء المدينة،
لكن معبد المقه يعتبر أشهر معالم هذه المدينة السبئية، ومازال في حالة أفضل مقارنة بالمعابد الأخرى المنتشرة في عواصم الممالك اليمنية القديمة.

· معبد المقه ونقش النصر :-
تشير النقوش الموجودة على الوجه الخارجي للسور البيضاوي للمعبد إلى أن المعبد بني في منتصف القرن السابع قبل الميلاد، وبانيه هو الحاكم السبئي « يدع إل ذرح » ،و يوجد في الجهة الغربية مدخلان للمعبد لهما أعمدة وفناء مرصوف يؤديان إلى المعبد.كما يوجد في المجال الداخلي للمعبد المرصوف بالحجارة مرافق للمآذن المقدسة، وطقوس العبادة مازالت بحالة جيدة، وتضم مجالس وطاولات حجرية ومذابح وقواعد للنذور
وفي وسط معبد المقه يوجد النقش الحجري المشهور والمعروف بـ «نقش النصر» ، والذي يعود للملك السبئي كرب إيل وتر.. وقد كتب على جانبي صخرتين موضوعتين الواحدة فوق الأخرى، وطول كل منهما 8.6 متر وتزنان حوالي 5.2 طناً ، ويتحدث النص في احد الجانبين عن طقوس القرابين المقدمة وصيانة مرافق استغلال المياه بمأرب.. وعلى الجانب الآخر وصف للغزوات الحربية التي نفذها الملك السبئي كرب إيل وتر لتوحيد القبائل اليمنية.
وفي عام 2001م أصبحت مدينة صرواح القديمة والسهل المحيط بها من ضمن المشاريع الهامة التي ينفذها المعهد الألماني للآثار لاستكشاف معالم الحضارة اليمنية القديمة والوقوف على أسرارها.فقد نفذ المعهد الألماني للآثار - فرع صنعاء - مشروعاً للآثار والتنمية السياحية في مدينة صرواح والسهل المحيط بها،ومن أهم مكونات هذا المشروع إعادة ترميم معبد المقه وتهيئته ليصبح مزاراً سياحياً، وعمل دراسة شاملة لكل الإنشاءات القديمة في سهل صرواح ،
وقد قارب العمل في الموقع على الانتهاء وأصبح معبد المقه مهيأً لاستقبال الزوار من عشاق الحضارة والتاريخ المتعطشين لمعرفة تلك الشواهد الأثرية التي مازالت قائمة حتى اليوم في جنوب الجزيرة العربية ارض المهد ومصدر الهجرات القديمة «العربية السعيدة».وعن النتائج التي توصل إليها المشروع خلال نشاطه البحثي والأثري في المدينة القديمة والسهل المحيط بها.. فقد كشفت الحفريات التي أجريت في الجهة الشمالية والغربية لمعبد المقه وجود سور قديم بني بموازاة السور البيضاوي ،و يعتقد بأنه خصص للمساعدة في بناء السور الخارجي للمعبد، كما أظهرت الحفريات بداخل المعبد مرافق نظام تصريف المياه، وكسر لنقوش يرجع تاريخها إلى مراحل زمنية مختلفة تؤكد طول فترة استخدام المعبد التي امتدت حتى القرون الأولى بعد الميلاد.
كما أظهرت الحفريات في داخل حدود المدينة إلى اكتشاف ثمانية مبانٍ كبيرة خمسة منها تعتبر معابد، أما المباني الثلاثة فواحد منها يعتقد بأنه مبنى إداري يرجع تاريخه إلى القرن الأول الميلادي، ويقع في شمال المدينة، ولم يتبق منه سوى منصة ضخمة، يصل ارتفاعها إلى مترين مبنية من الأحجار الجيرية المشذبة بعناية فائقة.
كما تم اكتشاف قصر ربما كان يستخدم كمقر للحاكم السبئي، ويرجع تاريخه إلى نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، ويتكون من منصة وساحة أمامية محاطة برواق، كذلك أظهرت الحفريات التي نفذت أمام سور المدينة، وجود مقبرة سبئية في الجهة الجنوبية خارج السور وتشبه إلى حد ما مقابر « أوام » بمدينة مأرب، وبالنسبة للنقوش التي وجدت خلال الحفريات التي أجريت بداخل المدينة فقد تم اكتشاف حوالي 30 نقشاً في داخل المعبد.
أما الشق الثاني من المشروع الذي ينفذه المعهد الألماني للآثار إلى جانب الأبحاث والحفريات الأثرية في صرواح.. فيتعلق بالجوانب التنموية والثقافية في صرواح لاستغلال المواقع الأثرية في المجال السياحي.،فقد قام المعهد بدأ منذ عام 2002م في تنفيذ مثل هذه الأعمال التنموية بالاشتراك مع المؤسسة الألمانية للتعاون الفني (GTZ)،وتشمل فتح المدينة السبئية القديمة أمام السياحة ، وقد تم انجاز معظم الأعمال المتعلقة بترميم معبد المقه، وأصبح شبه مهيأ لاستغلاله سياحياً..

ومأرب اليوم تشهد تطورا ملحوظا، أقيم على واديها سد جديد يسقي مساحة زراعية واسعة، وأسفل الوادي في صافر أقيمت منشأة لاستخراج النفط وتشهد مدن مأرب التاريخية مزيدا من التطورات الزراعية وتوجد بها خدمات سياحية متميزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق