مفهوم حقوق الإنسان :
يولد الناس متساوين في الحقوق والمنزلة، وهي مطالب أخلاقية مكفولة لجميع الأفراد بموجب إنسانيتهم بحد ذاتها. وتفصّل هذه الحقوق وتتشكل فيما يعرف اليوم بحقوق الإنسان والتي ترجمت على شكل حقوق قانونية وضعت وفقا لقوانين وحقوق قانونية.
يمكن تعريف حقوق الإنسان بأنها المعايير الأساسية التي لا يمكن للناس، من دونها، أن يعيشوا بكرامة كبشر. إن حقوق الإنسان هي أساس الحرية والعدالة والسلام، وإن من شأن احترام حقوق الإنسان أن يتيح إمكان تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة.
حقوق الإنسان في بعض الأحيان تسمى بالحقوق الطبيعية التي يمتلكها الإنسان والمرتبطة بطبيعته وتظل موجودة وان لم يتم الاعتراف بها ،
فهي مدار اهتمام تبين الحقوق والحريات المرتبطة بالإنسان والمستمدة من تكريم الله وتفضيله على سائر مخلوقاته والتي تبلورت من خلال كتابه الكريم والشرائع والأعراف والقوانين المتعارف عليها .
خصائص حقوق الإنسان
- حقوق الإنسان لا تُشترى ولا تُكتسب ولا تورث، فهي ببساطة ملك الناس لأنهم بشر .. فحقوق الإنسان "متأصلة" في كل فرد.
ــ حقوق الإنسان واحدة لجميع البشر بغض النظر عن العنصر أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي. وقد وُلدنا جميعاً أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق .. فحقوق الإنسان "عالمية".
ــ حقوق الإنسان لا يمكن انتزاعها؛ فليس من حق أحد أن يحرم شخصاً آخر من حقوق الإنسان حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده، أو عندما تنتهكها تلك القوانين .. فحقوق الإنسان ثابتة "وغير قابلة للتصرف."
ــ كي يعيش جميع الناس بكرامة، فإنه يحق لهم أن يتمتعوا بالحرية والأمن، وبمستويات معيشة لائقة .. فحقوق الإنسان "غير قابلة للتجزؤ
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو بيان حقوق الإنسان المقبول على أوسع نطاق في العالم. والرسالة الأساسية لذلك الإعلان هي أن لكل إنسان قيمة متأصلة. وقد اعتمدته الأمم المتحدة بالإجماع، في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948. ويحدد الإعلان الحقوق الأساسية لكل شخص في العالم بغضِّ النظر عن عنصره أو لونه أو جنسه أو دينه أو رأيه السياسي، أو أي رأي آخر، أو أصله الوطني أو الاجتماعي، أو ثروته أو مولده، أو أي وضع آخر. ويتكون الإعلان من مقدمه وثلاثين مادة تتناول معظم حقوق الإنسان تقريبا إذ تتسم المادتان الأولى والثانية بالعمومية والشمولية لأنها تعبر عن أسمى الحقائق التي ترسخت عبر السنين وهي المساواة الأصلية بين البشر منذ الولادة.
أما المواد الأخرى فيمكن تقييمها موضوعيا إلى قسمين رئيسيين :
الأول : وهو يتناول الحقوق المدنية والسياسة (المواد من 3-21). الثاني : وهو يتناول الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية (المواد من 22-27). وتتناول المواد الختامية (28-30) التأكيد على حقوق الإنسان في نظام اجتماعي ودولي تتحقق فيه الحقوق والحريات الواردة في الإعلان على وجه تام ، فضلا على التأكيد على واجبات الفرد ومسؤولياته نحو المجتمع .
منذ العام 1948، أصبح الإعلان العالمي هو المعيار الدولي لحقوق الإنسان. وفي العام 1993، عُقد مؤتمر عالمي ضم 171 دولة تمثل 99% من سكان العالم، وأكد المؤتمر التزامه من جديد بإحقاق حقوق الإنسان.
ويمكن تلخيص مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على النحو الأتي :-
1ــ الحق في المساواة (يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق).
3ــ الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية.
4ــ الحرية من الاستعباد.
5ــ الحرية من التعذيب والمعاملة الحاطة للكرامة.
6ــ الحق في الاعتراف بالمرء كشخص أمام القانون .
7ــ الحق في المساواة أمام القانون.
8ــ الحق في اللجوء الى محكمة مختصة.
9ــ الحرية من التوقيف التعسفي والنفي.
10ــ الحق في محاكمة علنية عادلة.
11ــ الحق في قرينة البراءة (كل شخص برئ حتى تثبت إدانته).
12ــ حرية المرء من التدخل في خصوصيته ، وعائلته ، ومنزله ، ومراسلته.
13ــ الحق في التحرك بحرية ، داخل أي بلد ، وبين أي بلد أخر.
14ــ الحق في اللجوء إلى بلاد أخرى ، هربا من الاضطهاد .
15ــ الحق في الجنسية ، وحرية تغييرها.
16ــ الحق في الزواج وتأسيس أسره.
17ــ الحق في التملك.
18ــ حرية المعتقد والدين.
19ــ حرية الرأي والمعلومات.
20ــ الحق في الاشتراك في الجمعيات ، والجماعات السلمية.
21ــ الحق في الاشتراك في إدارة الشئون العامة ، والانتخابات الحرة.
22ــ الحق في الضمانة الاجتماعية.
23ــ الحق في العمل ، بشروط مرضية ، والانضمام الى النقابات .
24ــ الحق في الراحة وأوقات الفراغ.
25ــ الحق في مستوى كاف من المعيشة.
26ــ الحق في التعليم .
27ــ الحق في الاشتراك في حياة المجتمع الثقافي.
28ــ الحق في نظام اجتماعي ، تتحقق بمقتضاه حقوق الإنسان.
29ــ أداء واجباتك في المجتمع واحترام حقوق الآخرين والمحافظة على الممتلكات العامة.
30ــ الحرية من تدخل الدولة والأفراد ، في الحقوق المذكورة أعلاه.
وعندما نقول إن لكل شخص حقوقاً إنسانية، فإننا نقول، كذلك، إن على كل شخص مسؤوليات نحو احترام الحقوق الإنسانية للآخرين.
حقوق الإنسان في الإسلام :
من خلال هذا العنوان اخترت الحديث عن حقوق الإنسان وموقف الإسلام منها لسببين :
أولهما : أن موضوع حقوق الإنسان أصبح من الموضوعات التي تتصدر اهتمامات المجتمع الدولي ، وتتعد فيه وجهات النظر وتتباين المواقف مما يشوش الأذهان ويفسح المجال للمزايدات والمغالطات.
وثانيهما :إن موضوع حقوق الإنسان قد صار اليوم مدخلا إلى تشويه صورة العالم الإسلامي والإضرار بسمعة المسلمين والنيل من الإسلام والطعن في شريعته وذلك من قبل بعض الأطراف والجهات.
مما يستلزم توضيح الحقائق وتصحيح المفاهيم وبيان موقف الإسلام ومفهومه لحقوق الإنسان .
فا بالرجوع إلى منشأ فكرة حقوق الإنسان في صيغتها الراهنة يثبت لنا أن أغلب المواثيق والإعلانات والعهود الخاصة بحقوق الإنسان ، وهي تكاد تصل إلى مائة إعلان واتفاق وعهد دولي .... أخذت مبادئها الكلية ومطلقاتها الأساسية عن الأصول والتشريعات الإسلامية ، فلقد استفاد الغرب من عطاء الحضارة العربية الإسلامية عبر الأندلس وصقلية أثناء الحرب الصليبية عليها في القرنين الحادي عشر والثاني عشر ، فكان نتيجة ذلك ظهور البوادر الأولى بما يعرف بعصر النهضة ، ثم عصر التنوير في أوربا والتي تمثلت في حركات الإصلاح الديني التي عرفتها قارة أوربا.
وهذا دليل على أن فكرة حقوق الإنسان ومفهومها ليسا كما يزعمون من التراث الغربي المستمد أفكاره من فلاسفة ومفكري أوربا .
بل أن الإسلام كان الأسبق في إعلان حقوق الإنسان بمفاهيمها الواسعة ، والسياسية منها والاقتصادية والاجتماعية ، قبل خمسة عشر قرنا . فضلا عن ذلك فقد كفل الإسلام للإنسان حماية شخصيته وتكريمه وتعزيزه ، ضمانا لعدم التفكك الاجتماعي والانحلال الخلقي.
كما أن وثائق وإعلانات حقوق الإنسان تضمنت نصوصا ومبادئ تؤكد على حق الإنسان في الحياة الحرة والكريمة والعدل والمساواة ، وأكدت على واجب الدول الالتزام بها واحترام تلك الحقوق.
حيث كرم الإسلام بني أدم وفضلهم على كثير مما خلق قال تعالى: (ولقد كرمنا بني ادم) ومنحه العلم والحكمة قال تعالى : ( وعلم ادم الأسماء كلها )،(وهديناه النجدين).
فحقوق الإنسان في الإسلام هي واجبات لا يجوز التنازل عنها أو التفريط بها وعلى المسلم أن يحافظ ويدافع عن كرامته وحريته ، وأن لا يقبل الاستضعاف.
قال تعالى: (إن اللذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا).
كذلك الإسلام يعاقب المسلم إذا ما أساء استخدام هذه الحقوق في غير ما أراد الله، وحقوق الإنسان في الإسلام تمنع التمييز ( لا فضل لإعرابي على أعجمي إلا بالتقوى ، الناس سواسية كأسنان المشط ).
والإسلام حرر الإنسان من العبودية ، وأخرجه من الظلمات إلى النور وكفل له الحريات العامة في إطار الضوابط الشرعية ، ووفق المنهج الرباني الهادي إلى الحياة الإنسانية الكريمة .
إن الإسلام كان سباقا إلى الإقرار للإنسان بحقوقه ، والى الحث على صون هذه الحقوق وحفظها ، لأن الإسلام هو دين الله ورسالته الخاتمة إلى البشرية ، أقام المنهج المتكامل للحياة الإنسانية ، على قواعد ثابتة وجعل له أصولا راسخة ومبادئ خالدة ، بل إن الإسلام اعتبر التفريط في حق من حقوق الإنسان ، تفريطا في جنب الله ، وتعديا على حدوده ، وخروجا عن سنة الله في خلقه.
فالحق في الشريعة الإسلامية يمثل القاعدة الأساس للتشريع كله.
فان حقوق الإنسان في المنظور الإسلامي ، هي حقوق يترتب على الوفاء بها وأدائها على أكمل وجه ، خلوص العبودية والطاعة لله سبحانه وتعالى ، والقيام بتكاليف شرعه الحنيف ، وبذلك يرتقي المفهوم الإسلامي لحقوق الإنسان إلى مقام العبادة الرفيع ، باعتبار أن هذه الحقوق هي واجبات وفروض دينية يعتبر الإنسان مسئول عنها أمام ربه سبحانه وتعالى ، ثم أمام نفسه ومجتمعه والإنسانية جمعاء.
فالمحافظة عليها وأدائها واجب شرعي ، وليس من حقه أن يفرط فيها لأن التفريط فيها تقصير في أداء هذا الواجب.
وكذلك فان الإسلام أكد المساواة بين البشر بقوله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله اتقاكم ).
وهذه المساواة تنفي التمييز القائم على اللون ، أو الجنس ، أو اللغة ، أو الدين وفي التعاليم الإسلامية نصوص كثيرة تبين حقوق الإنسان لا يتسع المجال لذكرها ، وإذا كان من مقاصد الشريعة حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال ، فان جماع ذلك كله هو حفظ كيان الإنسان ، والحقوق المقررة للإنسان فطرة وشرعا وهي جوهره ووجوده وأساس كيانه وهي عصب حياته .
فالله سبحانه وتعالى خالق الخلق أجمعين ولا يضيع عمل عامل من ذكر وأنثى ومن العدل الإلهي تنبثق حقوق الإنسان في الإسلام لأنها حقوق الله، تنفع الإنسان ، وتصلح أحواله ، ويمكث أثرها في الأرض ، فهي ليست حقوق للرجال دون المرأة ، وإنما هي للإنسان عموما.
وإذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فقد أحاط بأغلب ما للإنسان المعاصر من حقوق ، فان للرؤية الإسلامية لهذه الحقوق تميزا يتجاوز الأسبقية الزمنية قبل هذا الإعلان بنحو أربعة عشر قرنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق