سأتحدث في مدونتي هذه عن نظرة عامة عن منظمات المجتمع المدني في اليمن ، بالإضافة إلى نظرة قريبة لمنظمات المجتمع المدني قبل الثورة الشبابية السلمية مطلع العام 2011م وبعد الثورة .
كنظرة عامة فالمجتمع المدني بجميع منظماته وتكويناته ظهر في منذ ثلاثينيات القرن الماضي فيما كان يعرف بجنوب اليمن والتي احتوى على عدد من الحركات والتكوينات والنقابات والتعاونيات ، لتأتي ثورة السادس والعشرون من سبتمبر 1962م لتعلن قيام الجمهورية اليمنية في شمال اليمن ، والتي حينها كان المجتمع اليمني على موعد مع عهد ديمقراطي جديد بتأسيس عدد من منظمات المجتمع المدني الأهلية آنذاك والتي شملت كلاً من الجمعيات والأحزاب والجمعيات التعاونية والحرفية والأندية والنقابات وغيرها من المنظمات أو التجمعات الغير حكومية أو الغير عائلية .
ومن الملاحظ إلى أن الحرية الدستورية بتشكيل المنظمات اتسعت طوال السنوات الماضية لتصل المنظمات في نهاية العام 2006 إلى حوالي (5203) منظمة موزعة بين جمعيات أهلية وتعاونية وخيرية وحوالي (3700) جمعية ومؤسسة اجتماعية وثقافية وعلمية ومعنية وغيرها من التشكيلات التي بلغت حوالي (150) منظمة مختلفة ، فضلاً عن 22 حزباً وتنظيماً سياسياً في الساحة اليمنية ( حسب تقرير وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للعام 2006م (.
ولو ألقينا نظرة على المجتمع المدني في اليمن ومنظماته منذ إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م إلى فترة ما قبل الثورة الشبابية السلمية التي اندلعت في فبراير من العام 2011م ، لوجدنا أن الفترة هذه كانت فترة خصبة وبيئة متسارعة النمو ، فقد تطور نشاط وعمل منظمات المجتمع المدني خلال الآونة الأخيرة في اليمن من خلال أدائه في مجالات متعددة ليمارس دوره كشريك ثالث إلى جوار الدولة والقطاع الخاص في تحقيق التنمية الشاملة للوطن، وتعتمد منظمات المجتمع المدني في اليمن على أساليب العمل التطوعي والمبادرات الذاتية وأصبحت تلعب دوراً بارزاً في التنمية والتخفيف من الفقر، وتعتبر شريكاً أساسياً في إحداث تنمية مستدامة وشاملة ، وقد حقق نشاطها في المجتمع وقفزت قفزة كبيرة سواءً من حيث العدد وكمية ونوعية المشاريع المنفذة من قبلها، وكذلك في الدور الذي تجاوز الأنشطة التقليدية إلى المشاركة في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية وكذا رسم السياسات التنموية في ظل الإمكانات المتاحة.
ليس هذا فقط فعلى الرغم من الضغوط والسياسات القمعية من قبل الحكومة اليمنية تجاه منظمات المجتمع المدني ، فقد كان هناك دعم دولي لتعزيز سياسات المجتمع المدني ونشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان ، مما أتاح لعدد كبير من منظمات المجتمع المدني من الحصول على تمويل لمشاريع وأنشطة تنموية وتوعوية مختلفة من قبل المجتمع الدولي ممثلاً ببعض الحكومات كالحكومة الأمريكية والحكومة الألمانية بالإضافة إلى فرص التمويل والدعم المتاحة من قبل عدد كبير من المنظمات الدولية العاملة في اليمن والشرق الأوسط .
ومع اندلاع الثورة الشبابية السلمية في اليمن في فبراير من العام 2011م ، كان هناك دور فعال لمنظمات المجتمع المدني خصوصا المختصة بالجانب الحقوقي والرصد والأبحاث والجانب الصحي ، فقد كان للمنظمات الحقوقية دور هام برصد انتهاكات حقوق الإنسان ضد الثوار والأبرياء من قبل الحكومة والنظام السابق ، في حين ساهمت المنظمات الصحية بتقديم الرعاية والخدمات الصحية لجرحى الثورة والمتضررين منها ، بالإضافة إلى المنظمات الأخرى والتي أيدت وانضمت للثورة وقامت بعمل عدد من الأنشطة والفعاليات المصاحبة للثورة من احتفالات وندوات وحلقات نقاشية ودراسات ميدانية وإعلامية .
لم ينتهي دور منظمات المجتمع المدني في الثورة هنا فقط ، فبعد انتهاء الثورة أو بالأصح فبعد سقوط النظام السابق وانتخاب رئيس جديد لليمن وحكومة توافقية ، لاحظت أن الثورة أعطت مساحة أكبر وفتحت المجال لمنظمات المجتمع المدني في اليمن لتعمل بحرية ، بالإضافة إلى إشراكها في رسم مسار اليمن للأعوام الماضية بإشراكها بنسبة 30% في مؤتمر الحوار الوطني الذي يرعاه المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة والتي من خلاله ستخرج منظمات المجتمع المدني في اليمن إلى جانب بقية المكونات السياسية والحزبية بدستور جديد لليمن يقودها إلى الدولة المدنية الحديثة ، مما يضمن كذلك إعادة النظر في قانون المنظمات والمؤسسات الأهلية اليمني رقم (1) الصادر في العام 2001م وتطويره وتعديله ليضمن حرية في تكوين وإدارة الجمعيات والمنظمات في الأعوام القادمة .
بالإضافة إلى أنه بعد الثورة الشبابية السلمية ، تم تأسيس عدد من المبادرات والتنظيمات المدنية والسياسية لتضاف إلى منظمات المجتمع المدني الحالية ، مما يدل على ارتفاع نسبة الوعي لدى المجتمع ورغبته في المضي نحو إقامة دولة مدنية لا دولة مشايخ أو قبائل .
ختاماً الثورة الشبابية السلمية كانت نقطة تغير نحو الأفضل بالنسبة للمجتمع المدني إذا لم تكن نتائج التغيير ملموسة في وقتنا الحالي ، فمع الأيام الأخرى وبمخرجات الحوار الوطني القائم والدستور الجديد لليمن ، سيكون هناك دور فعال ومشاركة أكبر للمجتمع المدني في التنمية المستدامة والشراكة الرئيسية مع الحكومة في وضع السياسات وتنفيذ الخطط والبرامج التنموية في اليمن .
تم الاحتفاظ بالمقال لدينا بوصفي مستشارا لمنظمات المجتمع المدني
ردحذف