الأربعاء، فبراير 10، 2010

التعليم - التحدي الأكبر في العالم العربي

أصبح التعليم اليوم موضوعا جديدا من بدايات القرن العشرين في سياق فكر التجديد والإصلاح وفي خضم الصراعات والحروب في الدول العربية لأنه يمس شريحة واسعة من المجتمع ويمكن توظيف متعلميه في نفوذ الدولة ومسائل تتعلق بالولاء للدولة والقائد الرمز .
إن التعليم اليوم يوفر للدولة مواردها البشرية من الكوادر والموظفين للمساهمة في تنفيذ وتحقيق أهدافها التنموية ، ولكن اليوم أصبحت اغلب السياسات التعليمية في البلدان العربية قوية ومجدية في الكم وليس في الكيف فنحن نشاهد أفواجا من الأطفال والشباب والشابات متوجهين إلى مدارسهم كما نشاهد المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية بجميع أنواعها في كل مكان ونرى الكادر التربوي (المعلمين) بالآلاف ولو لاحظنا مدى الانجازات التي تحققت في مجال التعليم لن نجرأ على السؤال عن ذلك ، لان التعليم في هذه الحالة شاهدا على نفسه وعلى الإنتاج الضعيف الذي أنتجه.
ولو نظرنا إلى التعليم كحق من حقوق الإنسان لرأينا انه الحق الوحيد الغير منتهك ولا فائدة في المطالبة بحق التعليم طالما تنتشر المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية إلى جانب الكادر التربوي ، ونلاحظ بكل وضوح أن التعليم في العالم العربي يمتلك ثغرات ونقاط ضعف عملت على جعله التحدي الأكبر في القرن الواحد والعشرين ، ولو اطلعنا على برامج التعليم في البلدان العربية لوجدنا أنها تعيد إنتاجية شرعية وضمان تكوين جيل سجين في وطن لم يوجد بعد ، ولم تخلق التفكير والإبداع بل جعلت المواطن يتنازل عن حق التفكير لتقوم هي بالمهمة .
وحسب اطلاعي على وضع التعليم في العالم العربي وجدت أن أهم الثغرات والأسباب في تدني جودته بعض الأسباب هي :-
1- السياسات والأنظمة التعليمية في العالم العربي قائمة على مصالح خاصة وصيانة تقليدية للثقافة السائدة ولم تعمل على إعادة إنتاج وتطوير وتنمية المجتمع .
2- اغلب البلدان العربية تستخدم وسيلة التعليم وسيلة للتغيير الثقافي فقط أكثر من أنها وسيلة لاكتشاف الجديد وتطوير وتنمية العقل البشري لمستقبل أفضل .
3- المناهج الدراسية في البلدان العربية بحاجة إلى إعادة نظر فمن الصعب التمييز بين بعض المواد وعدم وجود ربط بين المواد بعضها البعض ، بل تم وضع هذه المناهج على سياسة الحرب ضد الوعي فلا يمكن أن نرى درس حول حقوق الإنسان أو المجتمع المدني أو الديمقراطية بل نرى دروس محددة لقضايا محددة أيضا .
4- الغزو الغربي ضد مناهجنا باعتماد دروس جديدة تشن الحرب ضد التطرف الديني والإرهاب وغيرها من القضايا وكل هذا نتيجة لخيارتها السياسية بصفة عامة ومصالحها الشخصية ثانية وليسوا معنيين بتوعية المجتمع ونشر الوعي العربي بل تجريده من ذاكرته ورموزه .
5- أصبح التعليم اليوم يتكلم عن الحضارات والأحداث الحديثة والمستقبلية بشكل كبير حيث أخذت مساحة كبيرة في البرامج التعليمية مع ضعف البرامج التي تتحدث عن الأحداث والحضارات الماضية والتي يمكن أن نستفيد منها في تصحيح نقاط ضعفنا ودعم نقاط قوتنا في مختلف المجالات إضافة إلى استغباء المسلمين العلماء الأوائل والمفسرين ثم طلاب اليوم .
6- ضعف قدراتنا في مجال التعليم وتطويع وتنمية المجتمع لما يخدم ويساهم في إنتاج جودة كاملة وتفوق نسبي فيه وهذا بمجمله يعني ضعف في تبني سياسات علمية تحقق استثمار ممكن لإمكانياتنا في العلماء والباحثين والمراكز والمعاهد البحثية .
7- عدم أو قلة ممارسة البحث العلمي أو عدم الاهتمام به ، اثر تأثير سلبي في عملية التعليم من خلال قلة المبدعين وزيادة العاطلين من الخريجين القادرين على تلبية متطلبات سوق العمل والتي كان يجب أن ينظر إليها على أنها رافد أساسي من روافد التنمية .
8- عدم وجود استراتيجيات عربية كفيلة بالتوجه بالعرب نحو الإنقاذ خاصة أن التعليم في العالم العربي والذي هو مصنع الأجيال يعاني من أزمة حادة في اللغة والفكر والمستوى والمواكبة العالمية للثورات التكنولوجية والمعرفية في العالم .
9- التعليم في الوطن العربي غير مميز لأنه يعتمد على التعليم النظري أكثر من العملي وضعف التعاون البحثي بين الجامعات في الدول العربية مما يؤدي إلى ضعف وفجوة في جودة التعليم في الوطن العربي .
10- تردي مستوى الخدمات التي تقدم للتعليم من مدرسين غير أكفاء ومؤهلين وقاعات دراسية مزدحمة وغير مجهزة بأحدث الوسائل التعليمية ، ورسوم دراسية جامعية باهظة ، عدم توفر مكاتب وقاعات انترنت وكمبيوترات أو بشكل عام عدم وجود مراكز أبحاث علمية وغيرها .

ومن خلال العشر النقاط السابقة حاولت أن أركز واختصر أهم الثغرات التي تعيق عملية التعليم في العالم العربي وعدم قدرتنا على تجاوزها ولخصتها في سبع نقاط تمثل :
1- السياسات والأنظمة التعليمية. 2- المناهج الدراسية. 3- محتوى ومكونات التعليم. 4- ضعف القدرات والإمكانيات. 5- ضعف البحث العلمي. 6- الاستراتيجيات المستقبلية العربية. 7- الخدمات التعليمية .

وتوجد العديد من الثغرات التي تمثل عائق أمام التعليم في العالم العربي وغيرها من الأسباب وراء افتقارنا للمستوى التعليمي المتميز في الوقت الحالي ، رغم أننا نمتلك حوالي 142 جامعة في الوطن العربي وملايين من الطلاب الجامعيين .

وبعد أن تعرفنا على أهم الثغرات يا ترى ما هي أهم الحلول المناسبة والممكنة لتطوير التعليم في العالم العربي بحيث يتناسب مع مواكبات الثورة التكنولوجية والمعرفية في عصر اليوم .
من خلال بحثي واطلاعي وجدت أن انسب الحلول هي :-
1- إعادة النظر في السياسات والأنظمة والقوانين الخاصة بالتعليم وصياغتها مع ما يتناسب ويساهم في إيجاد جيل متسلح بالعلم والمعرفة مساهم في بناء وتطوير مجتمعه ووطنه .
2- جهل التعليم وسيلة علمية من عمليات التحديث والنمو الاقتصادي والاجتماعي وان يأخذ دوره في أي مجتمع يرنو إلى التقدم والازدهار ولنجعل الغرض من التعليم هو التحكم في الطبية لصالح الإنسان .
3- إعادة النظر في المناهج الدراسية ومكوناتها إلى جانب التركيز على الجانب العملي أكثر من الجانب النظري ، وان تكون المناهج بهدف خلق التفكير وتعزيز روح البحث العلمي واقتباس المعرفة من أبوابها بعيدا عن نظرية التلقين والتعليم بالتكليف لا بالترغيب .
4- أن تبنى مناهجنا وبرامجنا التعليمية بما يتوافق مع ثقافاتنا الاجتماعية والدينية بعيدا عن السياسات والتجارب المعمول بها في الدول الغربية المتقدمة والتي تتناقض مع ثقافاتنا .
5- التركيز على أن يكون التعليم له أهمية في وضع الحلول للمشكلات التي تعاني منها المجتمعات إلى جانب عرض التجارب والخطط الماضية والمستقبلية وغيرها من الفعاليات الهامة التي يتمكن التعليم في إيجاد حلول ناجحة لها وجعل هذا التراكم المعرفي لهذه المجتمعات مربوطا بالتطبيق العملي وتحويل المعرفة إلى نتائج ملموسة على ارض الواقع .
6- الاهتمام بالبحث العلمي فهو الوسيلة الأكثر نجاحا لوضع حلولا مناسبة للمشكلات التي تواجهها البشرية مثل الجوع والفقر والجهل والمرض ، ولذلك لابد من الاهتمام بالبحث العلمي والقيام ببحوث مستمرة وشاملة ومتنوعة من اجل الوصول إلى حلول موضوعية ومتكاملة تساهم في تصحيح أنظمتنا التعليمية بسرعة وكفاءة عالية .
7- توفير خدمات تعليمية راقية وفي متناول الجميع وفي جميع المؤسسات التعليمية حتى تقوم الجامعات والمعاهد وجميع المؤسسات التعليمية بالعمل على تهيئة وإعداد رجال الغد كي ينهضوا بالمسؤوليات في مجتمع المستقبل العربي .


ومن هذا المنطلق فان دور العلم على تنوير المجتمعات البشرية للأخذ بأسباب المعرفة والاستفادة منها ، أما دور التقنية فهو تطبيق المعرفة العلمية على ارض الواقع وجعلها في خدمة الإنسان .


ولهذا السبب نجد اغلب الدول العربية في مستوى متدن فيما يخص التعليم ومستوى خدماته وذلك من حيث الكم والكيف وهذا ما سوف يؤخر الدول العربية عن اللحاق بالركب العالمي المتسارع مما يجعل الدول العربية سوقا استهلاكية لما تنتجه الدول المتقدمة بل أكثر من ذلك فقد أصبحت
محل تجاربها ، واستعمال أسلحتها ، ومدفن نفاياتها ، ونهب ثرواتها ، وإلصاق تهمة الإرهاب بها وبأبنائها ناهيك عن سرقة أراضيها ، وانتهاك مقدساتها وغير ذلك من المفارقات التي سببها الأول ضعفنا وعدم القيام بما يجب علينا تجاه احترام أنفسنا وتعزيز هذا الاحترام بالعلم والمعرفة .
إن عملية التطوير للتعليم في العالم العربي تحتاج إلى معرفتنا بمهاراتنا وقدراتنا وإمكانياتنا الذاتية إلى جانب الثروات التي تختزلها أراضينا للقيام بهذه المهمة ، وهذا هو المفتاح الذي سيجعلنا قادرين على الاستمرار في الإبداع وتكوين أجيال متعاقبة من أنفسنا دون الحاجة إلى استيرادها من الخارج بل ابعد من ذلك تصديرها إلى الآخرين وهذا هو الأسلوب الأمثل الذي يجعلنا قادرين على مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين خصوصا أننا نواجه عدوا تسلح بالعلم والمعرفة وجعل جميع فعالياته نجاحا في العلوم التقنية والعلمية بل في مختلف المجالات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق